-->

معركة الكاستللو: إيران تسميها "بتر الأذرع"..والمعارضة متلهفة للاشتباك



تستمر هجمات المعارضة المسلحة، لليوم الثاني على التوالي، في منطقة الملاح في ضواحي مدينة حلب الشمالية، ضد قوات النظام والمليشيات الموالية و"الحرس الثوري" الإيراني، بعدما تقدمت إلى مواقع مهمة بالقرب من طريق الكاستيللو. وتمكنت مليشيات النظام من رصد الطريق، وقطعه بشكل كامل أمام المدنيين، وبقي مفتوحاً للاستخدام العسكري. كما بدأت المعارضة تستخدم طريقاً ترابياً موازياً، أقل خطورة.

وتمكنت المعارضة الحلبية، من مختلف الفصائل العاملة في "غرفة عمليات فتح حلب"، من استعادة السيطرة على نقاط متعددة في منطقة مزارع الملاح الجنوبية، وفي منطقة الجامع على جانبي رأس الحربة المتقدم التي ما تزال في قبضة المليشيات، وهي أقرب النقاط نحو الكاستيللو الذي أصبح على بعد كيلومترين فقط.

ولم تتمكن المعارضة من استعادة نقاطها الاستراتيجية برغم التعزيزات الضخمة التي أرسلتها، لكنها نجحت فعلياً في وقف تقدم المليشيات و"الحرس الثوري" الإيراني، ومنعتها من إحكام سيطرتها على الطريق وقطعه بشكل كامل، كما أنها أشغلت القوات المعادية وشتت جهودها الرامية إلى تحصين مواقعها عبر القصف بالأسلحة الثقيلة بشكل متواصل، خلال الساعات الماضية.

من جانبها، أبدت قوات النظام والمليشيات الموالية مقاومة عنيفة للحفاظ على مواقعها المتقدمة قرب الكاستيللو، كما أنها وبشكل مستمر استهدفت الطريق بالهاون والمدفعية والرشاشات الثقيلة، وأوقعت خسائر بشرية، الخميس، في صفوف المعارضة والمدنيين.

وعززت قوات النظام والمليشيات من قواتها في الجبهات المتقدمة في منطقة الجامع، واستقدمت تعزيزات ضخمة من معقليها في نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي. وتجاوزت التعزيزات ألف مقاتل، في غالبهم تابعين لمليشيا "حزب الله" اللبناني ومليشيا "لواء القدس" الفلسطيني. كما شاركت في التعزيزات مليشيا "حركة النجباء" العراقية، وتشكيلات شيعية مسلحة أخرى.

وأشرف على قيادة العمليات البرية قادة إيرانيون تابعون لـ"الحرس الثوري" الإيراني الذين تمركزوا في المدينة الصناعية الواقعة إلى الشرق من جبهات القتال، وفي الخطوط الأولى في حندرات. وأطلق "الحرس الثوري" اسم "عملية بتر الأذرع" على العملية العسكرية التي تهدف إلى حصار المدينة.

وبرغم الأعداد الكبيرة من المقاتلين الذين زجت بهم المليشيات في الخطوط الأولى للمعركة، وعتادهم المتطور من مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، من الدبابات والمدفعية وراجمات الصواريخ، إلا أنهم تفادوا المواجهة المباشرة مع المعارضة، والاشتباك المسلح من مسافات قريبة، وحافظوا على مسافة أمان بينهم وبين المعارضة من خلال القصف المستمر بالمدفعية والصواريخ والرشاشات الثقيلة للمنطقة الفاصلة.

ونالت المليشيات تغطية جوية مميزة منذ بدأ هجومها، فجر الخميس، من قبل المقاتلات الروسية التي لم تفارق الأجواء، والتي أثرت بشكل فعلي في تحركات المعارضة وردة فعلها العسكرية، من خلال قصف خطوط امدادها، ومقارها وثكناتها المتقدمة بالقرب من الكاستيللو. وتجاوز عدد الغارات الروسية، الخميس والجمعة، 250 غارة جوية، تركزت على الملاح وكفرحمرة وأسيا وعندان وحريتان، والليرمون وطريق الكاستيللو.

من ناحيتها، حاولت المعارضة أكثر من مرة الاشتباك مع المليشيات في منطقة الجامع والاقتراب أكثر من خطوط التماس، لكنها فشلت بسبب التغطية النارية الهائلة الموجهة نحو خطوطها الأولى، خاصة المجموعات القتالية التي تسعى للتقدم منها. بينما نجحت المعارضة بالاشتباك المباشر في المحاور الطرفية واستعادة بعض النقاط والمواقع.

المتحدث الرسمي باسم "حركة نور الدين زنكي" النقيب عبدالسلام عبدالرزاق، أكد لـ"المدن" أن المعارضة تخوض معارك كسر عظم، وهي الأعنف على الإطلاق نظراً لحساسية المواقع المستهدفة. وقتلت المعارضة بحسب عبدالسلام، أكثر من خمسين عنصراً من مليشيات عراقية وأفغانية ومن "حزب الله" و"لواء القدس"، خلال المعارك المستمر منذ الخميس، ودمرت مدرعة ومدفعين رشاشين، وعدداً من السيارات رباعية الدفع.

وأشار النقيب عبدالسلام، إلى أن ثبات المعارضة وإيقافها زحف المليشيات يعتبر انجازاً مهماً للغاية، بالمقارنة مع  حجم النيران الموجهة نحوها من قبل القوات المعادية، التي اتبعت سياسية الأرض المحروقة، ودمرت بشكل شبه كامل منطقة مزارع الملاح، ولم يعد هنا إمكان للبقاء ولا مكان للاحتماء فيه من الضربات الجوية والمدفعية.

وأوضح عبدالسلام أن التغطية الجوية الروسية والبرية المدفعية والصاروخية هي العقبة الأبرز التي تمنع المعارضة من التقدم، لكن المعارضة ماضية في عملياتها ولن تسمح للمليشيات في الوصول إلى أهدافها. وتحمل الساعات المقبلة تطورات مهمة وايجابية لصالح المعارضة وفق النقيب عبدالسلام.

وحاولت المعارضة الحلبية توسيع دائرة المعارك لتشمل جبهات في المدينة والريف، لكنها لم تحقق الغاية المنشودة، أي تخفيف الضغط عن جبهاتها في الملاح وتشتيت جهد النظام والمليشيات، حيث شهدت جبهات الليرمون والخالدية وبني زيد والأشرفية وسيف الدولة والراموسة والعامرية اشتباكات ومعارك، وقصفاً بالأسلحة الثقيلة من قبل المعارضة.

وهاجمت المعارضة الحلبية طريق الراموسة، في المحاور الجنوبية الغربية لحلب، وشهدت الجبهات هناك، انطلاقاً من حي العامرية الذي تسيطر عليه المعارضة، اشتباكات متقطعة وقصفاً مبتادلاً بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، عطلت الطريق بشكل جزئي إلا أنها لم تتمكن من قطعه.

ويعتبر طريق الراموسة المدخل الرئيس الذي تعتمد عليه قوات النظام للدخول إلى مناطق سيطرتها في مدينة حلب، أي الأحياء الغربية من حلب. وطريق الراموسة هو امتداد للطريق القادم من وسط سوريا عبر بادية حلب.

ويبقى النظام والمعارضة في سباق مع الوقت، وكلاهما يعوّل على جهده العسكري خلال الساعات المقبلة، التي تبدو مصيرية. وتشير التعزيزات الضخمة التي أرسلتها المليشيات إلى الملاح، إلى نيتها توجيه ضربة قاضية للمعارضة والسيطرة بشكل كامل على طريقها، أي حصار حلب بشكل فعلي. بينما تعوّل المعارضة على قواها البشرية التي تبدو مصممة على استعادة الملاح والحفاظ على طريقها نحو المدينة، يحدوها الأمل للاشتباك وجهاً لوجه مع المليشيات التي لطالما وصفتها المعارضة بـ"جبانة" تخشى المواجهة المباشرة، وتعتمد على التفوق العسكري بالسلاح النوعي، والتغطية الجوية الروسية.

معركة الكاستللو: إيران تسميها "بتر الأذرع"..والمعارضة متلهفة للاشتباك

No comments:



Contact Form

Name

Email *

Message *