(ميلاد فضل) يبكي اطفال حلب ، بينما شبيحة النظام يرقصون على رائحة دمائهم
مشهدان متناقضان كل التناقض تابعهما السوريون في صور حصار حلب، عشرات الآلاف في أحيائها الشرقية المحاصرة التي باتت محاصرةً باتوا يخبئون لقمة الخبز لأيامٍ يعرفون أن هذه اللقمة ستنقذ طفلهم المختبئ في الأقبية خلالها من الموت جوعاً، فقد خبروا حصار النظام في مضايا والجنوب الدمشقي ومعضمية الشام، وكيف أكل الناس ورق الشجر ولحم الكلاب لإنقاذهم من الموت.
في الجانب الثاني من المشهد، رقصٌ وهتافات ومسيرات ملأت شوارع حلب النظام (الأحياء الغربية) يتقدمهم جنوده وشبيحته، هاتفين بروح قائدهم وجيشهم الذي حقق (الإنجاز التاريخي) ونجح بحصار حلب (الأردوغانية) كما يسميها الموالون.
المشهدان في مدينة واحدة، ولا يبعدان عن بعضهما سوى عشرات الأمتار، وهذه المسافة لم تكفِ لحجب رائحة بارود البراميل المتفجرة، الممتزجة برائحة شواء الأجساد التي تحرقها، لتصل إلى المحتفلين بقائدهم واضعين صوره على صدورهم، وكأن هذه الرائحة ليست إلا من حفل شواء في الحديقة الخلفية لشبيحة النظام، لا رائحة شواء بشر.
الشبيح الإعلامي شادي حلوة في المشهد الراقص يصيح، هنا حلب، هنا حي بني زيد، هنا سجلنا النصر، هنا حاصرنا مئات الآلاف، هنا وهنا وهنا، وكأن مئات الآلاف الذين حاصرهم أتوا من كوكبٍ آخر، أو ربما قطعان من الماشية باتوا حقل تجارب لجميع اختبارات الموت، حرقاً وتمزيقاً وقنصاً ودفناً و…، والآن باتوا حقل تجارب لأبحاث (كيف يموت الإنسان جوعاً؟).
في مقابله يقف مراسل قناة الجزيرة ميلاد فضل، ينقل على الهواء مباشرةً كيف حوصرت حلب، ويقول إن 300 ألف مدني باتوا محاصرين ويخشى على مصير أطفالهم، وحين استذكر ما جرى في مناطق حوصرت من قبل القوات ذاتها في السابق، لم يستطع حبس دموعه التي سبقت مهنيته التي اشتهر بها، فأجهش بالبكاء وانسحب من أمام الكاميرا.
ومن جانبٍ آخر، يرى ناشطو حلب أن أوامر النظام بإخراج هذه المسيرات لا تهدف إلا لزيادة الصدع بين أبناء المدينة أنفسهم، وبعضهم ما كان يفصل منازلهم عن بعضها سوى شارعٍ لا يبلغ عرضه 10 أمتار، وهو ما عمل النظام عليه من بداية الثورة، حين بدأ بالشحن الطائفي ضد الأكثرية الثائرة، ثم جمع حوله المجرمين وسيئي الخلق من أبناء هذه الأكثرية ليحاربوا أبناء بلداتهم ويكونوا وقوداً في حرب جرّ النظام الشعب السوري إليها، فكان له ما أراد، فتنةٌ تحرق البلد.
الصورة القاتمة في الريف الغربي ازدادت سواداً عندما شاهد أهلها عناصر الوحدات الكردية في حي الشيخ مقصود الذين كانوا لأشهر قليلة ماضية يدعون وقوفهم بجانب ثورة الشعب في سوريا، ولكن حصار حلب جعلهم يميلون على الفور للكفة التي ظنوا أنها الأقوى، فشاركوا النظام في مسيراتهم وظهر أحد قادتهم بجانب ضابط من قوات النظام وضابطٍ إيراني رفيع يقود الميليشيات التي حاصرت حلب.
وكانت ميليشيا وحدات الحماية الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي هاجمت قبل أيام مواقع الثوار في محيط حي الشيخ مقصود شمالي مدينة حلب، وسيطرت على أجزاء من حي الأشرفية المجاور، كما سيطرت على كامل منطقة السكن الشبابي في الحي إثر هجوم على مواقع تمركز الثوار في المنطقة، تزامناً مع القصف الجوي والصاروخي لقوات النظام التي تقدمت بدورها إلى حي بني زيد.
المصدر : حذيفة العبد كلنا شركاء
تحرير : صدى الساحل
No comments: