عندما يصبح الصحافي معلماً
ياسين الأخرس – خاص المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية
“قبل أن تبني الوطن عليك أن تبني الإنسان فكرياً وعلمياً واجتماعياً فهو اللبنة الأساسية لإقامة أي بلد متماسك يُحسب له حساب، وتكمن في بناء الأطفال من صغرهم بالعلم، فالأطفال المتعلمون هم الشجيرات التي ستنبت يوماً لتنجب ثماراً يتغذى منها الوطن وينمو”
بهذه العبارات بدأ الكاتب الصحافي والمدرس “خالد الجدوع” ابن الريف الإدلبي يسرد حكايته مع التغريبة السورية، في رحلة هي الأصعب بالتنقل بين المخيمات هرباً من جحيم آلة النظام العسكرية.
لكنه لم يرض أن يكون عبئاً على وطنه فبادر مع رفاقه لإقامة مدرسة “مرمرة” في مخيم النواعير على الحدود السورية التركية لتعويض الأطفال بالتعليم الذي انقطعوا عنه لسنين بسبب ظروف الحرب ومرارة النزوح، واختار أن يكون مدرساً قبل أن يكون مديراً للمدرسة.
“التعليم يحمي الحرية أفضل من جيش مرابط” هكذا قال إدوارت إفرت ومن هذا المنطلق أراد الصحافي “خالد الجدوع” أن يرابط على جبهات العلم، ليغتنم بالحرية التي يحلم بها منذ سنين عبر تعليم أطفال وطنه، وعن مساهمته في تشكيل المدرسة أخبرنا في “المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية” RFS قائلاً: “لم نستطع أن نرى جيلاً من الأميين يكبر في المخيمات، وغياب الطفل عن تعليمه هو هدم بحد ذاته للوطن وللثورة التي خرجنا بها للإصلاح وليس للهدم والفساد، وبالتعاون مع مجموعة من المدرسين وخريجي الجامعات أردنا الأخذ بالطفل إلى مقاعد الدراسة بدلاً من التسول في الشوارع وبين الخيام”.
وأكد قائلاً: “في البداية كان شجر الزيتون فصلاً دراسياً في شتاءٍ قاسٍ وصيفٍ لا يرحم، ناهيك عن وضع الصرف الصحي المتردي، واستخدام الحجارة كـ مقاعد للطلاب، لكن تغلبنا على هذه الظروف القاسية حتى استطعنا تأمين بعض الكرفانات بدعم من إحدى المنظمات لضمان استمرار العملية التعليمية”.
نجاح فكرة مدرسة مرمرة التي تستقطب ما يزيد عن 800 طالب دفعت بخالد ورفاقه بالعمل على إحداث روضة للأطفال من أجل تأهيلهم للمرحلة الابتدائية الأولى، كما أطلعنا قائلاً: “تم تجهيز أكثر من 90% من الروضة ونحاول من خلالها أن نخلق الجو المناسب للطفل من الشق التعليمي والترفيهي المنضوي تحت الدعم النفسي للأطفال، لتتكون حالةً من العشق بين الطفل وكتابه، وربما تعترضنا مشكلة الاعتمادات المالية للمعلمين، لكن سنحاول تأمين كادر متطوع ليتابع بالأهداف التي انطلقنا لأجلها”.
من أجل تحقيق نسبة النجاح الأكبر لكلمتي “التربية والتعليم” والرديفتين لبعضهما، اقترح خالد على رفاقه أن يكونوا على تواصل أوسع مع أولياء أمور الطلاب، فأقام عدة ندوات نقاشية معهم في بداية العام الدراسي، وتمحورت عن كيفية بناء الطفل علمياً واجتماعياً وليشعر أنه بمدرسة نموذجية تراقب قصص نجاحه وفشله، وخاصة بعد انقطاعه لسنوات عن مدرسته، الأمر الذي خلق فجوة كبيرة بين الطفل وحياته التعليمية محاولين صد هذا الخلل.
مع ابتسامة لطيفة تحمل الأمل أراد خالد إيصال رسالة من خلال “RFS” قائلاً: “سنترك أثراً في ثورتنا وفي عيون أطفالنا أننا حملنا هذه الرسالة السامية وهذا الميثاق لننهض بوطن خالٍ من الجهل والفوضى، وسنحارب الأسد بأقلامنا وكفاءاتنا وخبراتنا، في الوقت الذي يهدم فيه نظام الأسد المدارس والمنشئات التعليمية في ريف إدلب”.
واختتم قائلاً: “الأسد يهدم ونحن سنبني”.
واختتم قائلاً: “الأسد يهدم ونحن سنبني”.
خالد الجدوع صاحب الـ 31 عاماً ولد ونشأ في بلدة معرة حرمة بريف إدلب، تخرج من كلية الإعلام بجامعة دمشق عام 2010، وحاصل على شهادة دبلوم تأهيل تربوي، عمل ناشطاً إعلامياً في بداية الثورة السورية ووثق انتهاكات قوات النظام، وشارك بالعديد من المظاهرات السلمية وكان له بصمة كبيرة في الحراك السلمي عبر تنظيم المظاهرات وتجهيز اللافتات وغيرها، وبعد تصعيد النظام من هجماته العسكرية على بلدته اضطر أن يخرج مع عائلته باتجاه المخيمات ليقيم في مخيمات أطمة على الحدود السورية التركية. وتطوع بالعمل كمدرس في مخيم النواعير مع زملائه المدرسين.
واحدة من مئات القصص التي دفعت بخالد وغيره أن يسخر دراسته الجامعية في سبيل تعليم أبناء وطنه، مع ظروف الواقع التعليمي الذي بدأ يتآكل وخاصة مع القصف الممنهج بحق المؤسسات التعليمية في عموم سوريا، إلى جانب موجات النزوح القسري والتشرد بين المخيمات، ويطمح خالد بالعودة إلى مسقط رأسه ليعود إلى قلمه كـ “كاتب صحافي” ليسرد حكايته “عندما يصبح الصحافي معلماً”.
واحدة من مئات القصص التي دفعت بخالد وغيره أن يسخر دراسته الجامعية في سبيل تعليم أبناء وطنه، مع ظروف الواقع التعليمي الذي بدأ يتآكل وخاصة مع القصف الممنهج بحق المؤسسات التعليمية في عموم سوريا، إلى جانب موجات النزوح القسري والتشرد بين المخيمات، ويطمح خالد بالعودة إلى مسقط رأسه ليعود إلى قلمه كـ “كاتب صحافي” ليسرد حكايته “عندما يصبح الصحافي معلماً”.
No comments: