الاضطرابات النفسية عند الأطفال.. زادت من معاناة الأهل في حلب
تترك حرب النظام في حلب المشتعلة حالياً آثارها السيئة على نفوس الأطفال، وطبعاً تلك الحرب الشرسة من قبل النظام وأعوانه الروس، جريمة في حق الإنسانية، وتزداد بشاعتها عندما يتأذى منها الأطفال الأبرياء وتطاردهم آثارها طيلة حياتهم.
وإذا كان الكبار يستطيعون تحمل الصدمات ومعاناتها، فإن الأطفال على عكس ذلك، فما يصاحب الحروب من أهوال ونكبات كفيل بزعزعة نفس الطفل وأمنه مدى الحياة، تكشف “أم هبة” عن قلقها في ظل الأوضاع في حلب” الخوف الذي ظهر على شكل الأرق الذي انتاب طفلتي الصغيرة من جراء مشاهدة أشلاء القتلى المتناثرة على الأرض، وفظاعة المنظر منعها من النوم فذاكرة الأطفال تكون خصبة ولا تستوعب حجم الحقائق كما وأن الفتيات ينعزلن بصمتهن ووحدتهن.. آه إلى أين بوسعي أن أرحل بها وأنا دون زوج ولا أستطيع مفارقة الوطن وزوجي خلف قضبان سجن حماة وخاصة أن أوضاع السجن مضطربة لدرجة لا يمكن تخيلها.. الله ايكون معك يا أبو فادي”.
لم تكن جارتها أم فاطمة الأوفر حظاً فهي تقول” لقد احترق أخي وزوجته متأثرين بنيران القصف التي أحرقت منزلهما، ما ألجم ابنتهما عن الكلام، فامتنعت حتى عن الطعام وسيطرت عليها الكآبة والحزن.. ففي فراق الأهل وجع لا يزول وألم لا ينتهي”.
ولا ننسى خط
ر الاضطرابات النفسية التي ترافق الأطفال بعد كارثة عنف القصف التي حلت بهم في حلب، تصرّح هاجر وهي إحدى الممرضات التي تسعى دوماً لتقديم الإسعافات الأولية للمرضى” كنت أعالج طفلاً في العاشرة من العمر من ارتفاع شديد في حرارة الجسم مع رجفة في الأطراف ولدى فحصي للفم شاهدت التهاباً بالغاً باللوزتين وهو يدمدم بصوت منخفض مع دموع تنهمر من عينيه الصغيرتين..” بدي ماما ..يا لله ليش أخذت بس أختي معها.. بدي روح على السماء ما بحسن عيش من دونهن”..
سيتعافى الطفل بعد تناوله الدواء لكن اضطرابه النفسي سيقلل من عمل جهازه المناعي وسيغدو ضعيفاً لا يقاوم المرض.
إضافة لهذا الأمر ظهر في حلب السلوك الاجتماعي السلبي كالامتناع عن الذهاب للمدرسة والعمل وحتى زيارة الأقارب يقول أبو عمر” لقد تغير السلوك الاجتماعي لأبنائي الذكور فقد رفضوا الخروج للعمل، أو حتى مرافقتي لزيارة الجدة والاطمئنان عليها وتأمين متطلباتها، رغم حرصهم الشديد، وتنافسهم على ذلك لشدة محبتهم لها.. فالحزن يجلب الحزن”
لكن إذا تعاظم خوف الطفل بحيث يصبح خوفه إعاقةً في ممارسة الحياة الطبيعية، ينبغي على الأهل وإن غابوا.. فعلى المقربين منهم من باقي أسرهم المشورة الطبية.
وطبعاً للأهل دور رغم ألمهم الشديد في تخفيف آثار الصدمة النفسية وكيفية التعامل مع الأطفال في ظل تلك الحملة الشرسة تفوق أهمية دور العلاج الطبي وذلك ببث الاطمئنان في نفوسهم ومساندتهم معنوياً والتسويف بأن هناك مستقبل مشرق بانتظارهم وأن تلك الغيمة السوداء لا بد أن تزول.
ليست هناك تعليقات: