-->

تعرف على أسد بن الفرات شيخ المجاهدين


تعرف على الأسد العجوز والقاضى والمجاهد والعالم والمحدث الكبير اسد بن الفرات وفتح جزيرة صقلية..

خرج رحمه الله من القيروان في حملة عسكرية كبيرة قوامها عشرة آلاف من المجاهدين المشاة، وسبعمائة فارس بخيولهم في أكثر من مائة سفينة كبيرة وصغيرة، خرجت من ميناء سوسة على البحر المتوسط وسط جمع عظيم من أهل البلد، الذين خرجوا لتوديع الحملة المجاهدة.

تحرَّك الأسطول الإسلامي يوم السبت 15 ربيع الأول سنة (212هـ= 827م) متجهًا إلى جنوبي جزيرة صقلية, وبالفعل وصلت الأساطيل المسلمة إلى بلدة «مازر» في طرف الجزيرة الغربي بعد ثلاثة أيام من الإبحار؛ أي يوم الثلاثاء، ونفذ أسد بن الفرات على رأس جنده إلى شرقي الجزيرة، وهناك وجد قوَّة رومية بقيادة الثائر فيمي، الذي طلب مساعدة ابن الأغلب لاستعادة حكمه على الجزيرة، وعرض فيمى على أسد بن الفرات الاشتراك معه في القتال ضدَّ أهل صقلية، ولكنَّ القائد المسلم -العالم بأحكام شريعته، المتوكل على الله عز وجل وحده- يرفض الاستعانة بالمشركين تأسِّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي رفض الاستعانة باليهود يوم أحد.

واستولَّى أسد على العديد من القلاع أثناء سيره؛ مثل: قلعة بلوط والدب والطواويس، حتى وصل إلى أرض المعركة عند سهل بلاطه نسبة إلى حاكم صقلية، وعندها أقبل بلاطه في جيشٍ عدته مائة ألف مقاتل؛ أي عشرة أضعاف الجيش المسلم، وعندها قام أسد بن الفرات في الناس خطيبًا؛ فَذَكَّرهم بالجنة وموعود الله عز وجل لهم بالنصر والغلبة، وهو يحمل اللواء في يده، ثم أخذ يتلو آيات من القرآن، ثم اندفع للقتال والتحم مع الجيش الصقلي الجرَّار، واندفع المسلمون من ورائه، ودارت معركة طاحنة لا يُسمع منها سوى صوت قعقعة السيوف وصهيل الخيول، والتكبير الذي يخترق عنان السماء، والأسد العجوز أسد بن الفرات -الذي جاوز السبعين- يُقاتل قتال الأبطال الشجعان؛ حتى إن الدماء كانت تجري على درعه ورمحه من شدَّة القتال وكثرة مَنْ قتلهم بنفسه وهو يقرأ القرآن ويُحَمِّس الناس، وتمادت عزائم المسلمين حتى هزموا الجيش الصقلي شرَّ هزيمة، وفرَّ بلاطه من أرض المعركة، وانسحب إلى مدينة قَصْريَانِه، ثم غلبه الخوف من لقاء المسلمين ففرَّ إلى إيطاليا، وهناك قُتل على يد بني دينه؛ بسبب جُبنه وإحجامه عن قتال المسلمين.

بعد هذا الانتصار الحاسم واصل أسد بن الفرات زحفه حتى وصل إلى مدينة سرقوسة ومدينة بَلَرْم؛ فشدَّد عليها الحصار، وجاءته الإمدادات من إفريقية، ( تونس حالياً ) واستطاع أسد بن الفرات أن يحرق الأسطول البيزنطي، الذي جاء لنجدة بَلَرْم، وأوشكت المدينة على السقوط، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان؛ حيث حلَّ بالمسلمين وباءٌ شديد، أغلب الظنِّ أنه الكوليرا أو الجدري؛ فهلك بسببه عدد كبير من المسلمين في مُقَدِّمتهم القائد المقدام أسد بن الفرات، فلاقى الموت مرابطًا مجاهدًا بعيدًا عن أهله وبيته وحلقات دروس العلم، مجافيًا لفراشه وداره، مُؤْثِرًا مرضاة ربه ونصرة دينه، وذلك في شعبان سنة (213هـ= 828م)، ودُفن بمدينة قصريانه؛ وهكذا جمع أسد بن الفرات بين خصال الخير كلها من علم وورع، وجهاد وشهادة، فيا ليت علماء الأُمَّة يتعلَّمُون شيئًا من سيرة هذا البطل، الذي سقط من ذاكرة المسلمين الآن.

رحم الله الشيخ والمجاهد والقائد الكبير أسد بن الفرات

 بقلم: محمد منصور 

تعرف على أسد بن الفرات شيخ المجاهدين

No comments:



Contact Form

Name

Email *

Message *