-->

تعرف على الأسد الذى نسيه التاريخ

 الأسد الذى نسيه التاريخ 

هو أبو العلاء، عثمان بن إدريس بن عبد الله بن عبد الحق المريني، أمير مريني مجاهد، كانت إقامته أيام السلطان يوسف بن يعقوب في الأندلس، وكان مواليًا لبني الأحمر، واشترك معهم في الاستيلاء على بلاد غمارة من ريف المغرب، ودعا إلى نفسه، فتغلب على بلاد منها آصيلا والعرائش، وانتهى إلى قصر كتامة، وأراد السلطان يوسف أن يطارده، فعاجلته المنيه، فقاتله السلطان أبو ثابت عامر بن عبد الله، فتحصن ابن أبي العلاء بسبتة، ومات أبو ثابت، وولي أبو الربيع سليمان بن عبد الله، فهاجمه ابن أبي العلاء، فلم يفلح، وتصافي بنو الأحمر وأبو الربيع، فيأس ابن أبي العلاء من المغرب، فعبر البحر إلى الأندلس، وولي مشيخة الغزاة بها، فكانت له في جهاد النصارى بها اليد البيضاء، وعلا أمره بالأندلس، وزاحم ملوكها من بني الأحمر في رياستهم وجبايتهم، حتى كاد يستولي على الأمر من أيديهم فصانعوه، واستمر مجاهدًا، فاستوفى 732 غزوة، وقيل: إنه شهد 234 غزوة، وتوفي وهو يجاهد عام 730هـ، أو أول سنة 731هـ، ووصفة الذهبي رحمه الله بالصالح المجاهد، وقال الحافظ ابن حجر ولد بعد سنة خمسين أي بعد 650 هجربة، وفاق فى الفروسية كل فرسان زمانة، وتقدم على جيوش غرناطة، وهو من أعلام تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس في العصر المريني،

لم يكن للمسلمين في الأندلس إلا مملكة غرناطة الضيقة وقد ألح العدو عليها وصمم على محوها، واستمات في الدفاع عنها المسلمون إذ كانت الملجأ الأخير لهم بعد سقوط معظم مدن الأندلس، فهى الوزر الذي ليس وراءه إلا الموت أو الاستعباد، وكان بنو مرين في المغرب الإسلامى يرسلون جيوشهم مدداً لبني الأحمر حيناً، ويسيرون إلى الجهاد بأنفسهم حيناً، وكانوا أولو النجدة والصرامة، كبطلنا المجاهد عثمان بن أبي العلاء، يفدون على الأندلس مجاهدين مرابطين غضبا لدينهم، وحمية لإخوانهم.
جاء عثمان إلى الأندلس فتولى مشيخة الغزاة وحسن بلاؤه، وعظمت مكانته فكان شجى في حلوق الأسبان وأذاقهم الويلات وكان إسمه كافيا لإنزال الرعب والوهن في صفوف الأعداء، تولى زعامة الغزاة ثلاثاً وعشرين سنة فما وهن عزمه، ولا فل حده، ولا أغمد سيفه، ولا خط سرجه حتي غزا الأسبان 732 غزوة ! وظل يقاتل النصارى حتى توفي وعمره 88 سنة مجاهدا في سبيل الله
وقد كتب علي قبره بعد وفاتة
“هذا قبر شيخ الحماة، وصدر الأبطال والكماة، ليث الأقدام والبسالة، علم الأعلام، حامي ذمار الإسلام، صاحب الكتائب المنصورة، والأفعال المشهورة، والمغازي المسطورة، وإمام الصفوف، والقائم بباب الجنة تحت ظلال السيوف، سيف الجهاد، وقاصم الأعاد، وأسد الآساد، العالي الهمم، الثابت القدم، الهمام الماجد الأرضى، البطل الباسل الأمضى، المرحوم أبي سعيد عثمان أبن الشيخ الجليل الهمام الكبير الأصيل الشهير المرحوم أبي العلاء إدريس بن عبد الله بن عبد الحق.
كان عمره ثمانياً وثمانين سنة أنفقه ما بين روحة في سبيل الله وغدوة، حتى استوفى في المشهور سبعمائة واثنين وثلاثين غزوة، وقطع عمره مجاهداً مجتهداً في طاعة الرب، محتسبا في إدارة الحرب، ماضي العزائم في جهاد الكفار، مصادما بين جموعهم تدفق التيار، وصنع الله تعالى له فيهم من الصنائع الكبار، ما سار ذكره في الأقطار، أشهر من المثل السيار، حتى توفي رحمه الله وغبار الجهاد طي أثوابه، وهو مراقب لطاغية الكفر وأحزابه. فمات على ما عاش عليه، وفي ملحمة الجهاد قبضه الله إليه، واستأثر به سعيدا مرتضى، وسيفه على رأس ملك الروم منتضى
مقدمة قبول وإسعاد، ونتيجة جهاد وجلاد، ودليلاً على نيته الصالحة، وتجارته الرابحة.
فارتجت الأندلس لبعده، أتحفه الله برحمة من عنده. توفي يوم الأحد الثاني لذي الحجة من سنة ثلاثين وسبعمائة هجرية، رحمه الله تعالى رحمة واسعه
:: مصادر ::
تاريخ ابن خلدون 238-236
 الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة لإبن حجر
 نفح الطيب للمقري ص 453
 العبر للعلامة الذهبي
 دولة الإسلام في الأندلس ص 114-112

 بقلم: محمد منصور 

تعرف على الأسد الذى نسيه التاريخ

No comments:



Contact Form

Name

Email *

Message *