تجارة المخدرات (الهيروين) برعاية شبيحة النظام في دمشق
يشتكي من بقي في العاصمة دمشق من سكانها من انتشارٍ غير مسبوق للمخدرات بكل أنواعها والحشيش وكل أنواع المسكرات بشكل كبير وعلني في أحيائها، بشكلٍ بات يشكل خطراً على مستقبل شباب العاصمة ومراهقيها بعد أن باتت المخدرات بمتناول أيديهم بمجرد حصولهم على المال لشرائها.
يوم الخميس الماضي، وضمن حملةٍ بدأتها قوات النظام لإنهاء ظاهرة السيارات المفيمة (معتمة الزجاج) في دمشق، أوقف حاجز عسكري تابع للنظام في حي كفرسوسة سيارة من نوع (ليكزس) بيضاء اللون تحمل لوحات مشوهة وغير واضحة، وبعد مشاحنات بين سائق السيارة المتنفذ في أجهزة النظام، مع عناصر الحاجز، أجبروه على النزول لتفتيش السيارة ليعثروا على كيسين من الهيروين وسلاح غير مرخص، بحسب ما نشرته شبكة (صوت العاصمة).
ولأن الأمر وقع أمام العامة، تم حجز السيارة واعتقال من بداخلها بعد مشادات كلامية وصراخ في الشارع، بين عناصر الحاجز ومن كان في السيارة.
وأضاف المصدر أن الشبان الذين تم اعتقالهم بالجرم المشهود هم أبناء شخصيات قيادية على مستوى عالٍ في حكومة النظام، لذا تم إطلاق سراحهم بعد ساعات قليلة مع إبقاء السيارة في الحجز، وطي القصة بشكل نهائي وعدم الحديث عنها.
وتنتشر بشكل واضح في دمشق ظاهرة بيع المواد المخدرة في الصيدليات العامة، ومعظم زبائنها من عناصر ميليشيات الشبيحة الذين تجمعهم مع أصحاب هذه الصيدليات علاقة مصالح مشتركة، فعناصر الميليشيات تؤمن الحماية لها أمام السلطات، في حين تؤمن الصيدليات المواد المخدرة لهم بأسعار مناسبة.
وكشف ناشطون من العاصمة أن بعض الشبان ونتيجة إدمانهم تركوا أعمالهم الحرة في مختلف المجالات وحملوا السلاح بعد انضمامهم إلى هذه الميليشيات، إثر عجزهم عن تأمين الأموال الطائلة التي يحتاجون إليها لإشباع إدمانهم، فكان الحل بالنسبة لهم هو “التشبيح” لتأمين المال اللازم، وللحصول على المخدرات بأسعار خاصة.
تحقيق روسي
وبهذا الخصوص أجرت وكالة “سبوتنيك” الروسية شبه الرسمية في وقت سابق هذا العام تحقيقاً في مناطق سيطرة النظام بدمشق، قالت إنها توصلت بعد سلسلة من عمليات البحث، للتحدث بشكل مباشر مع متعاطين شباب وتجار يعملون في الداخل، لمعرفة حقيقة ماذا يحصل وما الدوافع لذلك وما الذي ساعد بتفشي ظاهرة صعود المواد المخدرة إلى العلن في الشوارع ومن داخلها المقاهي والحانات السورية.
وبالرغم من أن الوكالة لم تفصح بشكل واضح عن مصدر وطبيعة تجار هذه المواد، إلا أن التحقيق الذي أجرته يكشف أن معظم تجار وعصابات ترويج المواد المخدرة هم من جنسيات غير سورية، ويمكن لزائر مناطق النظام في دمشق أن يدرك بسهولة طبيعة الجنسيات غير السورية التي تحدثت عنها تحقيق الوكالة.
دمشق باتت مقصداً وبشكل واضح لعناصر وقيادات (حزب الله) اللبناني، ونظيراته من الحركات العراقية، والميليشيات الباكستانية والأفغانية التي ترسلها إيران للقتال بجانب النظام في دمشق، وهذه الجنسيات إضافةً إلى الإيرانية هي أكثر من يتواجد في دمشق، خاصةً وأن دمشق بمعظم محيطها تعتبر خطّ جبهة ضد كتائب الثوار المنشرة على أطرافها.
تحليق جماعي
فراس، أحد الشباب في دمشق والذي يتعاطى مادة الحشيش، نقلت عنه “سبوتنيك”، “لا أعرف من أين ابدأ ولكن ببساطة كشاب سوري دمرت طموحاتي بشكل كامل هنا، أخرج للعمل من الصباح الباكر إلى آخر الليل، لم أعد أجد شيء قادر أن ينسيني مشاكلي وتعبي سوى الحشيش الذي قادر عن طريقه أن أنسى ما أنا به”.
الحشيش أرخص من الدخان
ويضيف صديقه، علي، “الحشيش أصبح مادة رخيصة مقارنة بمواد أخرى مدخنة، بـألف ليرة يمكن أن نستمتع، يجتمع العديد من المدخنين بها ضمن غرفة واحدة، وحالتنا الاقتصادية كحال غالبية الشباب سيئة جدا، ولا يوجد شاب منا إلا لديه من الضغوطات ما يجعله بحالة نفسية متعبة والمخدرات المتنوعة أصبحت أكثر الأشياء المفضلة لدينا للهروب والارتياح”.
غير أن مضر له رأي آخر بقوله، “في ظل كل هذ المآسي التي نعيشها، كلنا نريد أي شيء ليفرحنا ويغير من مزاجنا والحشيش هو المساعد الذي رأيته قادر على تحقيق لي ذلك، كنا في السنين الماضية نخاف من حمل الحشيش أو ندخنه على العلن، أما الآن أصبح أمر طبيعي ولا أحد “لا شايف ولا شامم” على حد وصفه.
الديلر
يلقب التاجر البائع للحشيش بـ “الديلر” بين وسط الشراء والبائعين، وهو المسؤول عن تأمين هذه المادة والتحكم بسعرها وطريقة بيعها، والمتحمل الأكبر لأي عقوبة قانونية.
تقول الوكالة في تحقيقها إن مراسلها تحدث مع أحد التجار المعروف بـ “أسامة”، لمعرفة أسعار وطرق التعامل وخصوصاُ في هذه المرحلة، ويوضح، أسامة بقوله، “أنا أعمل بهذه المهنة كما أعتبرها منذ زمن كان الهاجس والخوف الوحيد هو وحدات المكافحة والمراقبة، أما الآن فهي مختفية بشكل شبه كامل، وأصبح هنالك إقبال كبير على المواد المخدرة بين وسط الشباب بشكل تام ومركز”.
ويكمل الديلر، “بعيداً عن الرقابة أصبحت المواد المخدرة منتشرة بكثرة من المهربة إلى المصنعة محليا هنا، والكثير منها يأتي “مضروب” بمعنى ذو جودة منخفضة، ولا يستطيع الكثيرون التمييز بين الجودة المنخفضة والمرتفعة منه، 1500 ليرة سورية فقط قادرة أن تحصل على قطعة جيدة من الحشيش تدخن ليومين أو ثلاثة، غير بعض المواد التي تشترى بالأوزان، ويختلف أسعارها بدايةً من 1000 ليرة وصولاً إلى مئات الآلاف حسب الجودة والنوعية إن كان حشيش أو مخدرات أو حبوب لتصل لأنواع عديدة.
المصدر : كلنا شركاء
تحرير : صدى الساحل
ليست هناك تعليقات: