سماسرة لتهريب السوريين إلى تركيا: الدفع بالدولار واحتيال وطرق خطرة
“يوجد لدينا طريق تهريب آمن من داخل سوريا إلى أنطاكيا في تركيا بأسعار معقولة والدخول مضمون وآمن”.. وضع أحد الأشخاص هذا الإعلان على مجموعة “شباب وصبايا سوريا في اسطنبول” على مواقع التواصل الاجتماعي، محاولاً إغراء سوريين يعيشون في الداخل السوري، على أمل أي ثغرة تتيح لهم الالتحاق بـ 2.8 مليون من أبناء جلدتهم صعدوا إلى الجارة الشمالية منذ بدأ الاحتجاجات في سوريا، في 15 آذار/ مارس من عام 2011.
تركيا التي أغلقت حدودها بشكلٍ جزئي في منتصف عام 2014، ثم عادت لاحقاً لإغلاقها بشكل شبه تام، وشدّدت الرقابة على حدودها بشكلٍ كبير لمنع تدفق السوريين الساعين للهرب من القصف والمعارك، حيث تطوّرت إجراءاتها الوقائية حتى وصل الأمر بإطلاق النار المباشر على بعض اللاجئين الذين يحاولون الدخول، حيث برز ذلك في أشهر حادثة عندما قُتل 11 لاجئاً سورياً معظمهم من عائلة واحدة خلال محاولتهم الدخول، وذلك في 19 حزيران/ يونيو الفائت.
أجور تهريب ضخمة
بلغت أجور التهريب إلى تركيا “غير المضمونة” مبالغَ كبيرة تجاوزت الـ 1000 دولار للشخص الواحد، بحسب حديث لموقع الحل السوري مع أحد المهربين، ومقابلات أجراها “الحل” مع 4 مواطنين سوريين حاولوا الدخول إلى تركيا، ودخل منهم واحداً فقط، فيما فشل الثلاثة البقية بذلك.
تتبّعنا الحساب الذي نشر هذا المنشور على المجموعة ودخلنا معه التالي:
الحل: لدي شقيق في مدينة حماه ويريد الدخول إلى تركيا
السمسار: دعه يأتي إلى منطقة سرمدا ويتصل بي عندما يصل إلى هناك
موقع الحل: كم التكلفة؟
السمسار: منهيّة 1200 دولار وما باخد عملة سورية.
موقع الحل: الدفع في سوريا أم بعد الوصول إلى تركيا؟
السمسار: 600 دولار قبل عملية التهريب و600 دولار بعد الوصول إلى انطاكيا.
موقع الحل: هل الطريق مضمون من المخاطر؟
السمسار: “لدينا طريق شبه آمن والله الحامي ما بضمن شي، عم نهرب ناس منو كل يوم وشغّالين تمام”.
دفع عبد الرزاق الحسين، السوري الذي يعيش في غازي عينتاب مبلغ 3000 دولار للدخول مع زوجته وابنته الصغيرة، يقول الحسين الذي كان يعيش في مدينة ادلب لموقع “الحل”: “بقيت عملية التفاوض مستمرة ثلاثة أيام مع المهرب لإدخالنا بهذا المبلغ، كان السمسار مصرّاً على مبلغ 1500 دولار عن كل شخص.
ليلة الاحتيال
عبد الرزاق الحسين، هو الناجي الوحيد بعد تمكّنه من الدخول إلى تركيا، في حين فشل الأشخاص الثلاثة الآخرين في الدخول إلى تركيا.
يسرد الحسين قصّته في عملية الهروب، قائلاً: “بعد أن وافق السمسار على مبلغ 3000 دولار مع زوجتي وابنتهي، اجتمعنا في مدينة دركوش ومن هناك سارت بنا حافلة صغيرة لمدة ساعتين ونصف تحت جناح الليل، حتى وصلنا إلى نقطة تبعد حوالي 2 كم عن الحدود السورية التركية.
ويضيف الحسين: “أخبرنا المهرّب أننا يجب أن ننقسم لمجموعات وعندما وصلنا إلى مرحلة اجتياز الحدود طلب المهرّب نصف المبلغ المتّفق عليه مني ومن بقية الأشخاص، موضحاً أنه “منحه المبلغ وبدأت عملية اجتياز لحدود في منطقة فارغة ومنخفضة قليلاً على الأرض”.
المهرّب ترك مجموعة الأشخاص منتصف بعد الاقتراب لأمتار من الشريط الحدودي واختفى فجأة دون أن يتمكّن أحدُ من معرفة وجهته وفق ما يشرح الحسين الذي يردف أن حالة هلع أصابت الأشخاص بعد ورود معلومات أن الجندرما التركية قريبة من المنطقة.
عبر عبد الرزاق مع عائلته في عملية تحمل الكثير من الخطورة، بينما عاد معظم المجموعة أدراجهم إلى سوريا، بسبب جهلهم بالمنطقة وطريقة الدخول إلى تركيا، بعد أن منحوا المهرّب نصف المبالغ المتفق عليها.
اتصلنا برقم المهرّب الذي أعطانا إياه عبد الرزاق عدّة مرات لكنه كان مغلقاً، إضافةً إلى أن آخر ظهور للرقم على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي كالواتساب والفايبر قبل أكثر من ثلاثة أشهر.
وفق ما يذكره عبد الرزاق فإن الحافلة كانت تحتوي على حوالي 32 لاجئاً، وإذا كان المهرّب قد اتفق مع كل شخص بـ 1000 دولار وأخذ منه نصف المبلغ فإن المهرب حصل في عملية الاحتيال هذه حوالي 16 ألف دولار.
ممنوع الاقتراب
عرّفنا عبد الرزاق على أحد الأشخاص الذين كانوا معه في الرحلة وعادوا أدراجهم إلى ريف حماه.
الشاب الذي لم نعرف شيئاَ عنه إلا اسمه “احمد” لم يتجاوب مع اتصال “موقع الحل” أكثر من مرة، فلجأنا لحوار مع “خالد الأبرص” وهو أحد السوريين الذين فشلوا في الدخول إلى تركيا.
يقول الأبرص في حديثٍ لـ “الحل” إنه عبر حدود تركيا ذهاباً وإياباً عشرات المرات خلال عمر الأزمة السورية، وكان الأمر طبيعيّاً” موضحاً أنه رغم تشدّد الاجراءات إلا أن كثير من السوريين كانوا يجدون طريقهم نحو الدخول إلى تركيا.
وأضاف الأبرص: “بعد بداية سنة 2016 أصبح الأمر معقّداً جداً وجميع طرق التهريب باتت شبه مكشوفة لحرس الحدود التركي الي لا يتردد في كثيرٍ من الأحيان بإطلاق النار على أهداف تتقدّم من الداخل السوري، ولا سيما تحت ظلام الليل”.
ونصح الأبرص السوريين بعدم تصديق ما يقوله المهربون، مؤكّداً أنه “خلال محاولته الدخول إلى تركيا في آخر مرة تفاجئ بأن الطريق إلى نقاط التهريب مليئة بالمهرّبين الذين يحاولون اصطياد الزبائن وتركهم على الحدود ليجدوا مصيرهم”.
ليست هناك تعليقات: