سفير الأندلس الى السلطان بايزيد الثاني
ارسل ابو عبدالله محمد الصغير (آخر ملوك بني الأحمر في غرناطة) سفيراً يحمل رسالة الى السلطان بايزيد الثاني سنة 1486م اي قبل سقوط غرناطة بستة سنوات يعرض عليه الوضع الأليم للمسلمين في الأجزاء المتبقية من الأندلس، ويناشده المساعدة العاجلة.
قرر العثمانيون إرسال اسطول بحري إلى غرب البحر المتوسط بقيادة البحار الشهير كمال رئيس سنة 1487م، فضرب الأسطول العثماني بمدافعه جربه، ومالطه، وصقليه، وساردينيا، وكورسيكا ودخل المياه الإسبانية (آراغون) وقصف سواحلها الشرقية واستطاع نقل المهاجرين الأندلسيين الى شمال أفريقيا.
ويذكر ضيا باشا في كتابه أندلس تاريخي ان السلطان بايزيد الثاني أضاف الى هذه المحاولة العسكرية، محاولة دبلوماسية؛ هي إيفاد سفراء إلى بابا روما للضغط على ملكي قشتاله وأراغون “أسبانيا” لوقف الحصار المضروب على غرناطة، وإلا سيضطر السلطان الى المعاملة بالمثل.
ويذهب الدكتور عبداللطيف الحميد في كتابه موقف الدولة العثمانية تجاه مأساة المسلمين في الأندلس ان هناك جملة من الأسباب أعاقت فاعلية الإجراءات عسكرياً ودبلوماسياً ومنها:
1- خلاف السلطان بايزيد مع أخيه جم
بعد وفاة السلطان محمد الفاتح تولى ابنه الأكبر بايزيد الثاني ولكنه أخاه الأصغر الأمير جم رفض الإعتراف له بذلك وادعى أحقيته في العرش، ولما لم يستطع المقاومة فرّ الى القاهرة، ودخل ضيفا على السلطان قايتباي سلطان المماليك سنة 1481. عاد الى الأناضول مرة أخرى ثم جزيرة رودس، حيث نقله فرسان رودس (النصارى) الى قلاعهم في فرنسا، وسلموه أخيراً الى بابا روما.
كانت إقامة الأمير جم في أوروبا التي استمرت اكثر من اثني عشر عاماً مجالاً للمساومة والضغط على العثمانيين وإشغالهم دبلوماسياً وعسكرياً، كما كانت سبباً لتوتر العلاقات مع المماليك الذين ناصروا وأيدوا الأمير جم.
هذه المسألة ألقت بظلالها على القضية الأندلسية بسبب انشغال العثمانيين بالمناورات السياسية لإحتواء نزاع الأمير جم على السلطة الذي كان آله سياسية بيد أوروبا.
2- توتر العلاقات بين العثمانيين والمماليك
الى ذلك الحين كانت الدولتان المملوكية والعثمانية من الدول الكبرى في العالم، والعلاقات بين هاتين الجارتين المسلمتين أخوية ودية، ومنذ أواخر عهد السلطان محمد الفاتح بدأت تتوتر العلاقات بسبب الخلاف حول تأمين المياه والأمن في طريق الحج، والخلاف حول امارة ذي القدر، التي تقع على الحدود بين الدولتين، وأخيرا بسبب حماية المماليك للأمير جم.
لهذه الأسباب نشبت حرب حدودية بين الطرفين امتدت خمس سنوات بين 1485-1490م. وبعد هذه الجولة الخطيرة من الصراع نجح يحي الثالث سلطان تونس الحفصي في التوسط بين الجارتين، وعقد الصلح، وإعادة العلاقات الودية الى سابق عهدها.
يكفي الإشارة هنا ان هذه السنوات الست من الحرب، أضاعت فرصة التنسيق العثماني المملوكي لصالح الأندلسيين. بل تكاد تتطابق مدة الحرب بين الطرفين مع المسافة الزمنية بين السفارة الأولى الى العثمانيين وسقوط الأندلس، أي بين سنوات 891هـ-897هـ.
ويشير اسماعيل حقي في كتابه التاريخ العثماني ان الأسباب التي ساهمت في عدم نجاح نجدة بايزيد الثاني للأندلسيين، ومنها بُعد المسافة من وإلى الأندلس، وعدم اكتمال خبرة العثمانيين البحرية، وتعدد الجبهات المعادية لهم.
ليست هناك تعليقات: