-->

كيف استخدمت إيران نموذج حزب الله للهيمنة على العراق وسوريا



تزايد القلق العالمي من أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءً عسكرياً ضد إيران إثر تعيين ترامب لجون بولتون مستشاراً للأمن القومي، و لطالما شجع السيد بولتون تغيير النظام في إيران ، وتحدث عن قصف إيران وعن سياسة أمريكية أكثر حزماً ضد التوسع الإيراني في الشرق الأوسط، لكن الولايات المتحدة لا تستطيع مواجهة طهران ووكلائها بشكل فعّال حتى تقدر دور إيران في بناء الدولة في دول الشرق الأوسط التي دمرها الصراع.
زادت إيران من نفوذها في المنطقة منذ اندلاع الحرب السورية وصعود تنظيم الدولة، حيث حشدت إيران عشرات الآلاف من مقاتلي حزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى من العراق وباكستان وأفغانستان للقتال إلى جانب قوات بشار الأسد، و لعبت هذه الميليشيات دوراً حاسماً في هزيمة فصائل المعارضة، كما وقاتلت تنظيم الدولة في سوريا والعراق في بعض الأحيان على مقربة من القوات الأمريكية. 
بدأت الميليشيات الشيعية العراقية المتشددة في قتالها ضد الولايات المتحدة والقتال في سوريا إلى جانب قوات الأسد في عام 2012 ، واستولى حزب الله على مدينة القصير الإستراتيجية السورية من مقاتلي المعارضة في عام 2013.
على مدى العامين الماضيين قاد هؤلاء الوكلاء الإيرانيون القتال لاستعادة مدن مثل حمص والمناطق المحيطة بدمشق، وسيطروا على نقاط التفتيش المهمة إستراتيجياً، ودعموا المواقع العسكرية السورية عبر الريف.
لقد برز حزب الله والميليشيات العراقية مثل "منظمة بدر ، وكتائب حزب الله ، و أهل الحق، وحركة النجمة" كأقوى شركاء لإيران على الأرض في سوريا، كما أن لديهم عقود من الخبرة في ميدان المعركة وقد كلفتهم إيران تدريب الميليشيات الشيعية القادمة من أفغانستان وباكستان.
لكن هؤلاء الوكلاء الإيرانيين لا يحضرون فقط للمعركة ، ويقاتلون ويعودون إلى ديارهم إذ كان البروز السياسي لـ «حزب الله» و «دولة داخل الدولة» في لبنان في الماضي استثناءً ، لكنه الآن نموذج يتم استنساخه من قبل مجموعات أخرى ذات تأثير مدمر.
لقد دربت إيران هذه المجموعات لاستغلال الفوضى وملء الفراغ من خلال توفير الخدمات والأمن للمجتمعات اليائسة في كثير من الأحيان، وقد ساعدت فيلق الحرس الثوري ـ الذي يشرف على هؤلاء الوكلاء ـ على استمالة المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية المحلية أو الاستيلاء عليها كطريقة لاكتساب الشرعية والشعبية، و ضمنت إيران تقديم المساعدات من خلال هؤلاء الوكلاء.
يتجلى تحول الميليشيات في زمن الحرب إلى عناصر سياسية بارزة في تطور الميليشيات الشيعية في العراق في كونه نسخة عن حزب الله اللبناني، حيث إن ميليشيا أهل الحق ، التي اكتسبت سمعة سيئة بارتكابها الفظائع الطائفية والهجمات على الأفراد الغربيين والعراقيين ، أُسّست من قِبل إيران بعد سقوط صدام حسين وهي تدير اليوم أنشطة اجتماعية ودينية واسعة ، بما في ذلك المراكز الطبية والعيادات ، بشكل مستقل عن الحكومة العراقية.
يسيطر وكلاء إيران في العراق على قوات الحشد الشعبي ، وهي منظمة تطوعية تضم 100.000 مقاتل تم تأسيسها في عام 2014 بعد أن استولى تنظيم الدولة على الموصل وانهار الجيش العراقي و دفع الضغط الإيراني الدولة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة لإضفاء الشرعية على قوات الحشد في عام 2016 حيث زودتها بموارد مالية كبيرة وأسلحة ثقيلة.
إن الدوافع الشيعية لإيران في سوريا مدفوعة بالخوف من أن الإطاحة بنظام الأسد سيكون تهديداً وجودياً للديانة الشيعية، وهو الخوف الذي يقلق طهران، و تبني إيران شبكات اجتماعية ودينية تتمحور حول العقيدة الشيعية ودعمها للثيوقراطية الإيرانية من خلال الدعم التقني والاستخدام المتطور للدعاية تضخم إيران صوت وكلائها مما يسمح لطهران بالتحايل على السلطات المحلية والوطنية وتشكيل الحكومات في نهاية المطاف، وتسوية النزاعات وبالتالي تحديد السياسات، وهذا يزعج الفاعلين السياسيين المحليين، ولكن في البلدان التي دمرتها الحرب غالباً ما يكون منافسو إيران ضعيفين جداً بحيث لا يستطيعون مواجهتها.
يتمتع الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس باستقلال ذاتي كبير ومشاركة طويلة في المنطقة، لقد قام الجنرال سليماني بإدارة قوة القدس منذ عام 1998 ، وقد استثمر عقوداً من الوقت والطاقة في تطوير العلاقات مع الجماعات المسلحة والأحزاب السياسية من جميع الأطياف في جميع أنحاء المنطقة.
لقد فشلت الولايات المتحدة حتى في وضع خطوط حمراء، وفي غضون ذلك تلتزم إيران بالتقاط القطع وإعادة صياغة الدول والمجتمعات وفقاً لمصالحها وأيديولوجيتها.
وكما فعلت إيران في العراق ولبنان فستحول إيران وكلاءها في سوريا إلى مكونات راسخة تماماً لأي نظام سياسي ينبع من أنقاض الصراع، وهؤلاء الحلفاء الإيرانيون سيشكلون مستقبل الدولة السورية والمشهد السياسي في الشرق الأوسط بأكمله.
يمكن للولايات المتحدة تغيير مسار الأحداث إذا التزمت بالبقاء في سوريا ، والبناء على النشر الحالي للقوات الأمريكية ورعاية شراكات طويلة الأمد لضمان عدم ترك مصير سوريا والمنطقة لإيران ووكلائها.

كيف استخدمت إيران نموذج حزب الله للهيمنة على العراق وسوريا

ليست هناك تعليقات:



نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *