-->

السلال الإغاثية تباع على الأرصفة بريف حلب ومحتاجوها يشتكون


الأثاربي: كلنا شركاء

بعد موجة النزوح إلى ريف حلب الغربي من الريف الجنوبي والشمالي بسبب الهجمة الشرسة من الطيران الروسي، ومع دخول شهر رمضان المبارك كان للمنظمات الإغاثية تسابق كبير في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية.
وفي هذه الزحمة يأتي دور بعض تجار الأزمات الجالسين في مكاتبهم خارج الحدود بالتعاون والتنسيق مع أصحاب النفوس الضعيفة في الجمعيات التي تسمى خيرية، يستغلونها لتحقق كسب لهم على حساب آلام وحاجة الناس، وتكون “مصائب قوم عند قوم فوائد”.
وأصبحت الكثير من المواد الإغاثية لها مستودعات يراها القاصي والداني، وبغياب واضح لدور المجالس الثورية والمحلية، والعسكرية، والأمنية، وعدم وجود رقابة على تلك الجمعيات والمنظمات.
وقد لا يحتاج أي مهتم إلى بذل أي جهد ليرى كيف تباع الإغاثة جهاراً نهاراً بشكل مباشر لباعة متجولين يقومون بجمعها، ومن ثم تذهب إلى مستودعات يعاد إنتاجها وتذهب إلى مناطق النظام عبر طرقهم الخاصة، أو تباع لتجار صغار على الأرصفة بأسعار منخفضة تبلغ أقل من 30 في المئة من قيمتها الفعلية، لتصبح الهدف الأول لمن يقصد تلك الأسواق لشراء المواد الإغاثية وغيرها.
الناشط “أحمد” من مدينة الأتارب قال لـ “كلنا شركاء”: “أصبح اليوم مفهوم الثورة عند البعض مرتبط بسلة الإغاثة، فإن قدمت له سلة الإغاثة يحكم على الثورة بأنها بخير وتحقق الهدف المطلوب، وإن كان غير ذلك فهذه ليست ثورة”.
وأردف “هناك ما بات يعرفون بحيتان الإغاثة لهم طرقهم في سرقتها، ويعود ذلك إلى عدم وجود الرقابة عليهم، وبالتالي لا يمكننا أن نلوم تلك الفئة فقط، بل يقع اللوم أيضاً على بعض المجالس المحلية التي لم تستطيع إلى الآن أن توحد المكاتب الإغاثية، وتعمل على جداول معتمدة من لجان هي من تقدر بين المحتاج والأحوج، ويبقى العتب كله على النازحين وغيرهم الذين يبيعون المعونات التي تقدم إليهم”.
وأضاف “أحمد”: “هل أتاكم حديث أم عابد، وهي أرملة شهيد، وعندها من الأطفال ثلاثة، يريد تاجر الأزمة في أحد الجمعيات الإغاثية أن يستغلها، ويسرق باسمها”.
وفي السياق ذاته، تحدث عامل في مجال الإغاثة في منطقة الأتارب في ريف حلب الغربي لـ “كلنا شركاء” عن الفساد الإغاثي فقال: “إن معظم الناشطين تحولوا إلى تجار سلال غذائية، من خلال استغلالهم لعدم قدرة المنظمات الإنسانية التي تتعامل معهم عن التقصي عن نزاهتهم في ظل هذه الأوضاع”.
وتابع: “إن كثيراً من العاملين يقومون بتقديم لوائح وبيانات بأسماء وهمية لعائلات محتاجة، ليتاجروا بحصة هذه العائلات المحتاجة، والغير الموجودة أساساً”.
وذكر أحد المندوبين في مجال توزيع المعونات الإنسانية، في ريف حلب، ويدعى “أبو لؤي” لـ “كلنا شركاء” أن معظم الذين يحصلون على المساعدات الإغاثية يعمدون لبيعها، وذلك لعدم حاجتهم إليها لا سيما وأنها تتكرر وتتشابه في محتوياتها، وكأن النازح لا يحتاج إلا للبرغل، والرز، والعدس، فيضطرون لبيعها بأسعار زهيدة من أجل شراء أشياء هم بحاجتها.
وذكر “م. عبد الفتاح صاحب دكان سمانة في ريف حلب في حديث لـ “كلنا شركاء” أنه هو أيضاً يشتري تلك السلال لعدم حاجة من منحت إليهم، وقال: “تتوافد إلى دكاني يومياً العشرات ممن يريد أن يبع سلته الإغاثية التي حصل عليها، وأنا أشتريها لأنهم بكل الأحوال سيبيعونها لي أو لغيري”.
وأضاف: “إن النازحين يضطرون لبيع حصصهم من أجل شراء ما هو مهم بالنسبة لهم كالسكر والأدوية، والماء، واللحم، وبعض الأهالي الذين لا يستفيدون من الحصص الإغاثية يفضلون شراء تلك المواد بسبب انخفاض ثمنها مقارنة مع أسعار المحلات التجارية”.
وفي الفترة الأخيرة عمدت بعض المنظمات الإنسانية توزيع شيكات تكون بمثابة بديل عن سلة الإغاثة تقريباً، ويعود توزيعها حسب اجتهاد القائمين على الجمعية الإغاثية ليتحول الفساد من سلة إغاثة عينية إلى فساد توزيع شيكات نقدية، ومنهم من اعتمد توزيع قسائم شرائية تتفق المنظمة مع محلات سمانة وبيع لحوم، وفيها ما يكفي من الفساد والاستغلال أيضاً، بحيث يقوم السمان برفع سعر السلعة بذريعة عدم استقرار سعر صرف الدولار.
أحد نازحي ريف حلب الشمالي إلى مدينة الأتارب يشكو حاله بأنه لا يتلقى أي حصة إغاثية فقد تحدث لـ “كلنا شركاء” فقال: “نحن نازحون من عندان إلى الأتارب، منذ قدومي إلى مدينة الأتارب لم أحصل على سلة إغاثية واحدة من الجمعيات، وعندما أسمع بأنهم يوزعون سلال إغاثة للنازحين أذهب إلى الجمعيات، فيقولون لي اذهب إلى الجمعية كذا، وعندما أذهب إليها يرسلوني الى الجمعية أخرى، وهكذا، ومنهم من يدلني على المجلس الثوري، وعندما أذهب الى المجلس يقول لي المعنيون أنه ليس لديهم علم فيما يجري بالجمعيات وطريقة التوزيع التي يعتمدونها، وكل منهم يعمل على مزاجه ووفق هواه”.
إن طرح هذه المشكلة، والإشارة إليها في هذه المرحلة ليس للنيل من جهة داعمة بعينها أو متخصصة في العمل الإغاثي، فالهدف هو تلمس خطورتها، وتأثيرها على المجتمع، وإيجاد حلول للإقلال من الفساد فيها ما أمكن، فكثيرة كانت المشاكل والخصومات بين الناس سببها السلة الإغاثية، أو ما يشبهها، وهذا له تأثير واضح على الأمن المجتمعي.

السلال الإغاثية تباع على الأرصفة بريف حلب ومحتاجوها يشتكون

ليست هناك تعليقات:



نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *