السلاح الكيماوي السوري.. من أين حصل عليه النظام؟
على مدار السنوات السبع الماضية، تأكد للجميع امتلاك النظام السوري لأسلحة دمار شامل، أو على الأقل أسلحة كيماوية، بعد استخدامها في 2012، في محيط العاصمة دمشق، ثم في مدينة خان شيخون عام 2017، وآخر الهجمات كان على الغوطة الشرقية عام 2018. وبعد هاتين الواقعتين بات السؤال الأهم من أين حصل النظامعلى هذه الأسلحة، التي تحرمها المنظمات الدولية؟، وأين يخبئها؟، خاصة بعد التحذير الأوروبي، والأميركي بتوجيه ضربة عسكرية ضده إذا ما استخدمها مرة أخرى.
وللإجابة على السؤال الأول، فقد استطاع النظام السوري توفير السلاح الكيماوي عبر طريقتين، الأولى إنتاجه بنفسه، والذي توقف منذ عام 2013، بحسب تصريحات العميد المنشق زاهر الساكت، رئيس قسم الكيمياء في الفرقة الخامسة بالجيش العربي السوري، قبل عامين، والمصدر الثاني لهذا السلاح المحرم دولياً هو العراق!، بحسب ما نشرته صحيفة Welt، الألمانية.
كيف وصل هذا السلاح من العراق إلى سوريا، ومتى؟
الصحيفة الألمانية، قالت إنه قبل 15 سنة، قادت الولايات المتحدة الأميركية تحالفاً عالمياً لشن حرب ضد العراق، في 20 آذار سنة 2003. وعُرف هذا التحالف باسم "عملية تحرير العراق"، وكان يهدف إلى نزع السلطة من الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين. وخلال فترة قصيرة للغاية، نجحت واشنطن في خطتها. ولم تتجاوز معركة العراق سوى 21 يوماً. وعانت خلالها القوات العراقية من هزيمة ساحقة.
لكن المثير للدهشة أنه لم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل، التي كانت السبب الرئيسي في غزو العراق. ولذلك، يعتقد الجميع أن تدخل الرئيس الأميركي في ذلك الوقت، جورج بوش، في العراق كان مبنياً على كذبة كبيرة، بحسب الصحيفة الألمانية. ولكن في واقع الأمر، كانت أسلحة الدمار الشامل موجودة بالفعل في العراق، إلا أن صدام حسين استطاع نقلها قبل بداية الحرب إلى سوريا، وإخفاءها هناك.
ووفقاً لمعلومات ظهرت مؤخراً، يوجد حوالي 4000 طن من الأسلحة الكيماوية العراقية، في سوريا. وفي سبتمبر من سنة 2013، أجرى الأسد حواراً خاصاً مع صحيفة “الأخبار”، تحدث فيه عن امتلاك سوريا لآلاف الأطنان من الأسلحة الكيماوية. يشير هذا المعطى إلى أن العدد المعلن عنه في هذا الحوار، يفوق الأرقام الرسمية التي أصدرتها الحكومة السورية، والتي أكدت أن سوريا تملك نحو 1300 طن فقط من هذه الأسلحة.
وبحسب الصحيفة الألمانية، من الواضح أن نظام الأسد لا يمتلك الأسلحة الكيماوية فقط، وإنما يوجد لديه أيضاً مخزون قديم من أسلحة الدمار.
متى أطلق صدام برنامجه النووي؟
بين سنتي 1970 و1980، استطاع العراق تكوين ترسانة قوية من الأسلحة الكيماوية، والبيولوجية بمساعدة دول أوروبية. وبالفعل، استخدم العراق هذه الأسلحة ضد أكراد العراق، ومن ثم في حربه ضد إيران التي امتدت بين سنتي 1980 و1988. تشير العديد من المصادر إلى أن العراق استخدم في الحرب حوالي 1800 طن من غاز الخردل، و140 طناً من التابون، و600 طن من السارين. كما ألقى حوالي 19500 قنبلة، و54 ألف قذيفة مدفعية، و27 ألف صاروخ قصير المدى، بحسب الصحيفة الألمانية.
في سنة 1991، عندما تدخلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لإنهاء غزو العراق للكويت، كان صدام حسين يملك في ذلك الوقت أسلحة كيماوية وبيولوجية. ووفقاً للجنة الأمم المتحدة الخاصة، "أونسكوم"، خطط صدام حسين لاستخدام هذه الأسلحة، في حال تعرضت بغداد إلى أي هجوم من قوات التحالف. إلا أن التهديد الأميركي بالرد القاسي في حال استخدام هذه الأسلحة، ردع صدام عن استخدامها. بعد هزيمة نظام صدام، طلبت الأمم المتحدة من هذه البلاد التخلي تماماً عن أسلحة الدمار الشامل. ومنذ سنة 1991 وحتى سنة 1998، قام مختصون من أونسكوم بتحييد أو تدمير كمية كبيرة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. بالإضافة إلى ذلك، تم تفكيك المعامل والمنشآت التي كانت تعمل على تصنيع هذه الأسلحة. في المقابل، قررت أونسكوم عدم إكمال مهمتها في العراق، بسبب رفض السلطات التعاون مع اللجنة؛ ما دعاهم إلى ترك البلاد في ذلك الوقت، كما تذكر الصحيفة الألمانية.
أين توجد هذه الأسلحة؟
وبحسب الصحيفة الألمانية بعد فترة قصيرة، تم الكشف عن مكان الأسلحة العراقية، أو في الأقل على جزء منها. وبينما أكدت مصادر إسرائيلية مطلعة أن الأسلحة موجودة في سهل البقاع، صرح الصحفي السوري المقرب من المخابرات السورية، نزار نيوف، في كانون الثاني سنة 2004، أن "هذه الأسلحة موجودة داخل أنفاق في مدينة البيضا، وقرية تل سنان، وقرية سنجار على الحدود اللبنانية". وقامت وسائل إعلام فرنسية بتخطيط خريطة لإبراز المواقع الثلاثة، كما تقول الصحيفة الألمانية. ما زال لم يحدد بعد طبيعة الأسلحة التي نقلها العراق إلى سوريا على وجه التحديد.
فهل كانت أسلحة مليئة بغاز الخردل، أم بغاز السارين، أم التابون، أم أسلحة تحمل غاز الأعصاب؟ أم هي أسلحة بيولوجية تحتوي على البكتيريا العصوية الجمرية، المسببة للجمرة الخبيثة، أم تحمل السم الأكثر فتكاً في العالم، سم بكتيريا "البوتيولينيوم"، ومواد أخرى شديدة الانفجار؟
ليست هناك تعليقات: